- لقد علمّتني الوحدة ألّا أحبّ.. فلولا الحبّ لطابت لي وطبت لها.. ولولا الحبّ لما قضيتها
في أرقٍ وكمدٍ وأسى.. ولولا الحبّ لما أُكرهت عليها ولكنت سكنت إليها..
..
= ألست ترى أنّك ذكرت أحرف "الحب" أكثر ما ذكرت أحرف "الوحدة"؟ لعلّك لا تزال جنديًّا شريدًا يلعنُ فكرة الحرب بلسانه.. وفي ثنايا شغافه كم يرجو لو كان ينال النّصر.. ولكن هكذا الوحدة.. تعزّيك بالحنين.. وتزهّدك بالأنس.. ثم تقصيك وأنت لا تكترث..
..
- بل أدنتني وأنا أشد بصيرة وأقوم نظرا.. فالحب خيال يعيش على ظلين.. الظل الذي يعكس المرئي.. والظل الذي ينعكس بعين الرائي.. فلا تذهل إذا اندثر الوجد بتمام القرب.. حيث لم يبقى من الخيال شيء.. ولا تعجب إن اعتزل الواجب بحقيق الحب.. حين يغشى الخيال عين المحب.. ولا تكدى من وعود الأبد التي قلتها وقيلت إليك.. فالوعود حروف حوتها الشعاب لوقت.. والحروف زفير يئول هواء..
..
= وتفقه مثل هذا ولم تتخلّى بعد؟
..
- وأنّى لمثلي! وقد أحببت مالم يعهده البشر من قبل!
..
= وتدّعى قوام النظر! ولا أخالك ذقت كل ما عهده البشر.. لكنها الحماسة.. بل تخلّى لأنّك أحببت.. فأن تحبّ هو أن تتخلّى مرتين..
..
- ما أيسر الكلام على من يرقبُ البحر ولم يعرف الملاحة! فهل وردتَ حرم الجمال وما ظللت تصابا؟ وهل وعيت حضر الجلال وما بقيت تهابا؟
..
= لا تسلني فلست حكيما.. لكنني متساءل.. ومثلي يعرف أن يسل وأن يفنّد وأن يعرّي.. لكنّه لا يعرف أن يجيب وأن يُقرّ وأن يبني.. فهاكم البشر! أصحاب جواب دون كنه السؤال.. وأصحاب سؤال دون درك الجواب.. وأصحاب اطراد بين المسئول عنه والمُجاب..
..
- لست وحدك من يتساءل.. وأنا في غمرةٍ لا أحسبني بلغت مئالها.. كيف أكون جميلا وأنا أحب الحق! والحقيقة تبدد الوهم فلا تبقى من الجمال شىء.. وكيف أكون محقا وأنا أحب الجمال! والجمال يستبد بالحق فيحجب الإنصاف والصدق!
..
= ألا ترى أنّك أحببت التركيبة.. وليس التركيب؟.. النظم وليس المنظوم.. الفكرة وليس التّشخيص.. فأنت بهذا لا تفوز بجلاء الحق.. بقدر ما تخسر جمال الوهم.. على أن الحق لا يستأثر بذلك الأرق.. فحتى الجمال لا يريح.. وكيف يفعل! والجمال في أصلهِ مؤلم.. لأنّه مؤذن بفقده ولأنه مشعرٌ بحاجة وضعفِ وشقاء مفتقده..
..
- ربّما لهذا نفرّ من الذكرى لكيلا تموت.. ونستميت على الذكرى لكيلا تفرّ.. فنناجذ النسيان تارةً ونتلفّظه أخرى.. كم أننا غريبون بشكلٍ مدهش!
#زَاد
Language (The language you are writing in)